Search from the table of contents of 2.5 million books
Advanced Search (Beta)

الأدب القرآني عند مصطفی صادق الرافعي |
Asian Research Index
الأدب القرآني عند مصطفی صادق الرافعي

المقدمة
ARI Id

1683034285969_56115540

Access

Open/Free Access

Pages

خ‌

الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على سيدنا محمّد الأمين - صلى الله عليه وسلم- المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 أما بعد:                    

فلا شكّ أنَّ البشرية، لم تعرف كتابًا حظي بالدرس، والتمحيص، واحتفاء الناس به، كما هو الحال مع (القرآن العظيم). فمنذ تنزل الوحي على قلب نبينا - صلّى الله عليه وسلّم - لم يتوقف تأثير هذا الكتاب على قـُلوب الناس، وعقولهم؛ وذلك لأنّه نزل مفصلاً، قيمًا، متصفـًا بمعجز النظم كما في قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: 42). جعله الله متلوًا لا يمل على طول التلاوة، وعجيبًا لا تنقضي عجائبه.

وقد أنزل الله - عزّ وجلّ - القرآن الكريم بلسانٍ عربيّ مبين، وجعلهُ محكمًا فقال:﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (هود: 1). وجعله معجزًا؛ تحدى به العرب، أنْ يأتوا بمثله، أو بسورة من مثله فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة: 23). وحكم عليهم بالعجز أنْ يفعلوا ذلك في الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل فقال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾  [االبقرة: 24]. ولم يكن هذا التحدي للعرب الذين اشتهروا بالفصاحة وحدهم، بل كان للإنس والجنّ قاطبةً، يقول تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: 88].

أما الفصاحة لهذه الايات الكريمة تنمي إلى أدب القرآن فالآداب لا تكون في الإنسان إلا شرائع، ولكن الإنسان إذا عَرِيَ من الأدب النفسي، فربما شرع لنفسه ما لا يصنع الشيطانُ أخبثَ منه بل ما يَركضُ فيه الشيطانُ ركضاً؛ وقلما انتفعَ مَن لا أدب له بشريعة من الشرائع وإن كانت في الغاية التي لا مذهبَ وراءها في تهذيب النفس ودرء المفسدة عنها بحَسم مادتها أو ما سبيلُها أن ترد به، من تقويم الطباع، وتثقيف الأخلاق، وتثبيت الإرادة، وتعيين الحد النفسي لكل منزع إلى الخير وإلى الشر، حتى تستوضحَ للمرء مذاهبُ نفسه، فيمضي إذا مضى على بينة، ويعدلُ إذا عدل عن بينة.

من أجل ذلك كانت آداب القرآن ترمي في جملتها إلى تأسيس الخُلق الإنساني المحض الذي لا يضعفُ معه الضعيفُ دون ما يجبُ له، ولا يقوى معه القوي فوق ما يجب له، والذي يجعل الأدبَ عقيدة لا فكراً إذ تبعث عليه البواعث من جانب الروح، فيكون هو الحاكم والمحكوم، ويرى عينَ الله لا تنفك ناظرة إلیه من ضميره.

إذا تدبرنا هذه القوة الروحية في آداب القرآن الكريم، واعتبرناها بما أتاها في الطباع، ومَساغها إلى النفوس، واشتمالها على سنن الفطرة الإنسانية، فإنا نتبين من جملتها تفصيلَ تلك المعجزة الإجتماعية التي نهض بها أولئك الجفاة من العرب فنفضوا رمال الصحراء على أشعة الشمس في هذا الشرق كله؛ فحيثما استقرت منها ذرة وقع وراءها عربي! بل نفضوا أقدامهم على عروش الممالك، وهم كانوا بين داع للصنَم وراع للغنم، وعالِم على وهم، وجاهل على فهم،وبين شيطان كأنه لخبثه مادة لوجود الشيطان، وإنسان كأنه لشره آلة لفناء الإنسان، فما زالوا يبسطون تلك الجزيرة حتى بلغت أضعافها، ومازالوا بالدنيا حتى جمعوا إلیهم أطرافها۔

وقال الرافعی في کتابه ’’تاريخ آداب العرب‘‘:فإن للأدب غاية ،وغايته هي صلاح الناس وهديهم وكشف حقائق هذا الكون والتمتع بجمال هذه الحقائق.تحدى القرآن أهل البيان في عبارات فارغة محرجة، ولهجة واجزة مرغمة، أن يأتوا بمثله أو سورة منه، فما فعلوا، ولو قدروا ما تأخروا، لشدة حرصهم على تكذيبه ومعارضته بكل ما ملكت أيمانهم، واتسع له إمكانهم.

أن الأدب أمرمهم جداً، فهو من أبرز سمات الشخصيّة المسلمة ، ومظاهر تميّزها بهذا الدين، لذا فإنه يتحتم على الإنسان المسلم معرفة الآداب الشرعية ، والإلتزام بها في جميع الأمور، وقد حثَّ الإسلام المسلم على أن يعتني بالآداب في أحوال أولاده وذويه ولا يتغافل عنهم ويذكّرهم ويؤدبهم بآداب الإسلام ، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ (التحريم: 6)، قال عليّ رضي الله عنه : علّموهم وأدِّبوهم . وقال مجاهد رحمه الله: أوقفوا أنفسكم وأهليكم  بتقوى الله وأدّبوهم .ومماجاء في نصوص الشريعة في معاني الأدب والتأديب قول النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين :وذكرمنهم ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ، ثم أ دّبها فأحسن تأديبها ،وعلٍّمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها وتزوجها ، فله أجران) .(صحیح البخاری حدیث رقم 3011)

يرتبط الأدب الإنسان منذ وجوده على وجه الأرض. و علاقته بالبشر طبيعي أي فطري. فالأدب وسيلة لنشر آراءحول أحوال المجتمع البشري ولتکوين السيرة الشخصية وإصلاح الأحوال والعادات، يدعو الأدب إلى مکارم الأخلاق وتکريم بني آدم وينجي الإنسان به في الدنيا و الآخرة.

وكذلك كان الرافعي رحمه الله حريصا على تجديد أصيل، يصون للأدب العربي شخصيته، ويحفظ عليه خصائصه في البيان والفكر، لا تجديدٍ يزهق روحه، ويغيب أصالته وملامح وجهه، تجديدٍ لا يعتدي على عقيدة الأمة وأخلاقها، ولغتها، بل ينطلق منها ليحلق بعد ذلك في سماء الإبداع والتجديد ما شاء أن يحلق،بل هو لن يحلق أصلا بغيرذلك، لأن المقلد لا يحلق، لأنه تابع غير متبوع، ولاحق غير ملحوق، والتقليد "لا يكون إلا في الطبقات المنحطة، وصناعة التقليد وصناعة المسخ فرعان من أصل واحد"۔

وقال الرافعي:

سعيت لدار المقتطف لأمر، فوافقت العقاد هناك، ولكنه لقيني بوجه غير الوجه الذي كان يلقاني به، فاعتذرت من ذلك إلى نفسي، وجلسنا نتحدث، وسألته الرأي في "إعجاز القرآن" فكأنما ألقيت حجرًا في ماء آسن، فمضى يتحدث في حماسة وغضب وانفعال، كأن ثأرًا بينه وبين إعجاز القرآن، ولو كان طعنه وتجريحه في الكتاب نفسه لهان علي، ولكن حديثه عن الكتاب جره إلى حديث آخر عن القرآن نفسه وعن إعجازه وإيمانه بهذا الإعجاز.

ونحن من جانبنا لا نرتاب في أن الرافعي كان يتعسف أحياناً في أسإلیبه تعسفاً واضحاً في غالبية مؤلفاته الشعرية كالسحاب الأحمر، وحديث القمر، ورسائل الأحزان، وأوراق الورد، وغيرها. ومنها نأخـذ قـولـه : "وفي تلك الساعة كانت الأرض قد عريت من أواخر الناس وطوارق الليل وبقية من يقظة النهار تحبو في الطريق ذاهبة إلى مضاجعها". وقوله في مقام آخر واصفاً البحر: "فكأنما البحر سحاب عظيم قد حبسه الله في الأرض فهو أبداً ثائر يضج ويرعد ولا يبرح تنازع الأرض أنْ يفرّ منها" ۔

وكذلك ذکر فی كتابه "دلائل الإعجاز" عني فيه بنظم القرآن، مرجعًا إعجاز القرآن إلیه، ويقصد أن القرآن في حروفه وألفاظه وتراكيبه، وما ضم ذلك من معان، وجاء على أحسن صورة، لا يستطيع أحد معها أن يأتي بمثلها، فكل ما جاء في القرآن معلق بعضه على بعض، مبني بعضه على بعض، وذلكم سر الإعجاز في النظم القرآني الذي وضع الكلام الذي يقتضيه علم النحو".

أما رأي مصطفى صادق الرافعي في كتابه "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية" فيوجزه في ثلاث نقاط: فالقرآن معجز لاستقرار القرآن وثباته على الزمان، وهو شريعة وأخبار وآداب، ولدفعه النسيان عن اللغة العربية، فهو وجود لغوي ركب كل ما فيه على أن يبقى خالدًا مع الإنسانية: يدفع عن هذه اللغة العربية النسيان الذي لا يدفع عن شيء؛ ولأن معانيه تتوالد وتتكاثر، وتتجدد حسب قدرته على كل عصر في استخلاص معانيه".

أن كتاب إعجاز القرآن والبلاغة النبوية هو في حقيقة أمره الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب العرب، أو يشكل الحلقة الوسطى من سلسلة تاريخ آداب العرب، وأن الرافعي حين وضع منهجه انطلق من حقيقة أن اللغة العربية لغة جديرة بالعناية والقداسة لأنها لغة القرآن الكريم، وكان ذلك سببًا في انصراف المؤلف عن المنهج التقليدي الذي وضعه المستشرقون لدراسة الأدب العربي، ووضع منهجًا ابتكره، رآه إلیق بدراسة الأدب العربي، فكان المنهج الذي وضعه موصولَ الأسباب بتاريخ اللغة ونشأتها وتفرعها وما يتصل بذلك، ثم تاريخ الرواية ومشاهير الرواة وما تفرع عن ذلك في ميدان الشعر واللغة في تفصيل دقيق ومنهج موسع ودراسة شاملة.

و كذلك في ماهية اللغة العربية ثراءً وعمقًا واتساعًا وصلة بالقرآن الكريم، فقد عمد الرافعي إلى أن يكون الجزء الثاني من كتابه دراسة للقرآن الكريم وإعجازه، وألحق به فصلاً عن البلاغة النبوية.

وحين صدر الكتاب، اُستقبل استقبالاً حارًّا من صفوة الرجال والعلماء المسلمين بصورة أوفر وأعمق مما استُقبل به الجزء الأول، ولكن فريقًا صغيرًا من المنكرين، على قلّتهم، كانوا يتهامسون فيما بينهم بسوء، فزعًا من أن يُضعف صفوفهم، ويُعيد إلى حظيرة الإيمان عددًا منهم، الأمر الذي دعا سعد زغلول باشا زعيم مصر وكبير ساستها في العصر الحديث إلى أن يكتب تقريظًا دافئًا للكتاب، ومن العلماء الأجلاء الذين بهرهم كتاب إعجاز القرآن وأصر على أن يكتب مقدمة له الشيخ محمد رشيد رضا، استهلها بقول الله عز وجل: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ (الإسراء:٨٨).

 ولم يقف الإعجاب بكتاب إعجاز القرآن عند المسلمين وحدهم، بل إن كثيرًا من علماء النصارى سطروا ذلك في كتبهم ومقالاتهم، وفي مصر يطلع الدكتور يعقوب صروف صاحب مجلة المقتطف على كتاب إعجاز القرآن فيقول: يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب. ومن الأدباء غير المسلمين الذين أشادوا بكتاب إعجاز القرآن الشيخ نصيف إلیازجي والشاعر خليل مطران شاعر القطرين.

أن الرافعي لم يكن عدوانيًا بطبعه، ولا متجاوزًا حدود المألوف بقلمه، إلا في حالتين اثنتين: إذا ما اعتدى صاحب قلم على الإسلام عقيدةً ورسالةً وقرآنًا، أو تعرض كاتب للغة الفصحى وما يتصل بها من أدب أو تراث بتجريح أو تزييف، وفيما عدا ذلك كان الرجل رقيق الحاشية وضيء الطلعة مهذب القلم في نطاق من سعة الاطلاع وعمق الفكر ورصانة الأسلوب ووفرة التحصيل.

 أما معركة الرافعي الحقيقية في الدفاع عن الإسلام فقد كانت مع طه حسين؛ حيث إن طه حسين في نظر الرافعي أعلن تنكره ورفضه لبعض ما جاء به القرآن جهارًا نهارًا؛ فيما ألقاه في الجامعة من محاضرات.

 ومن معارك الرافعي الأخرى ما جرى بينه وبين العقاد الذي كان صديقًا له، دائم الثناء على كتبه ومقالاته، وبخاصة كتابه "المساكين"، ولكن العقاد تفوه بكلمات جارحة حين كتب الرافعي كتابه إعجاز القرآن، وكان العقاد آنذاك لم يطرق بعدُ بابَ العقيدة الإسلامية، فقسا الرافعي عليه بعدد من المقالات الحادة ونشرها بعد ذلك في كتابه المشهور "على السّفود".

يُعد الرافعي أبا المقالة الإسلامية ورائدها، والمدافع عن القرآن وأركان الإسلام عقيدة وشريعة، ويعتبر العدوان على اللغة العربية عدوانًا على الإسلام، ويعُد الدفاع عنها دفاعًا عن الإسلام، لأنها لغة القرآن، كتاب الله ووحي السماء الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فنرى الرافعي يكتب عن الإسراء والمعراج كمعجزة إلهية خص الله بها محمدًا دون غيره من الأنبياء والمرسلين، ويكتب عن الهجرة ومولد الرسول وعن الدعوات التي يخاصمها الإسلام مثل دعوة ارتداء القبعة، وانصياع مصطفى كمال لكيد إلیهود المتتركين وإسقاط الخلافة العثمانية والقضاء على صلة تركيا بالعالم الإسلامي.

رحم الله الرافعي رائدا عظيما من رواد الأدب الإسلامي في الإبداع والتنظير النقدي، وفي الدفاع الحار عن أصالة الكلمة ونبل الفكر، وشرف التعبير۔

استطاع الرافعي خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمسٍ وثلاثين سنة إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين والكتب أصبحت علامات مميزة في تاريخ الأدب العربي.

لقد عاش "الرافعي" في عصر كثر فيه أدعياء التجديد ونبذ القديم، بل وقف الرافعي وحده في الميدان مدافعًا، لا يستند إلا على ربه، وما وهبه من علم، فكان يبارز الكثير منهم في ساحة الصحف والمجلات والمطبوعات برغم أنه كان يعيش في (طنطا) بعيدًا عن أضواء الصحافة والمجلات الكثيرة التي كان يسيطر عليها أمثال هؤلاء، فكان يعتمد على مرتبه البسيط الذي كان يتقاضاه من المحكمة الأهلية، التي كان يعمل بها؛ لذلك نجده لم ينافق ولم يراءِ في معاركه، لأن ضميره ودينه يفرضان عليه خوض هذه المعارك.

 كان الرافعي ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، وكانت فيه غيرة واعتداد بالنفس، وكان فيه حرص على اللغة كما يقول:    " من جهة الحرص على الدين إذ لا يزال منهما شيء قائم كالأساس والبناء لا منفعة بأحدهما إلا بقيامهما معاً "( أحمد أنور سيد أحمد الجندي ، المعارك الأدبية ص264 ،مكتبة الأنجلو المصرية،الطبعة: 1983).

ومن هنا كانت المعارك التي خاضها "الرافعي" مع "طه حسين" و"العقاد"، و"سلامة موسى" و"زكي مبارك" و"عبد الله عفيفي"، وإن كانت معاركه مع العقاد أشهر هذه المعارك، إلا أن معظمها كانت من منطلق إيمانه بمنهجه وطريقته في الإبداع والنقد، والاحتماء بالتراث العربي الأصيل.. كما أسس الرافعي بتلك المعارك منهجه النقدي من خلال أبرز كتبه، وهي:              

تحت راية القرآن

المعركة (رد فيه علي الدكتور طه حسين في كتابه ’’الشعر الجاهلي‘‘)

لقد كان الرافعي كاتب الإسلام الأول في هذا العصر وفي هذه المعركة ومع أنه كان واحداً من كثيرين في هذه المعركة، ولكن الرافعي هو العلم المتميز بقوة العاطفة الهادرة وبأسلوبه الناري وقمعه الرادع وصلصلته المرنة التي لا تستمدّ رنينها من قوة الألفاظ وحدها، فالألفاظ في متناول الكاتبين جميعا، ولكنها تستمد قوتها مما وراء الألفاظ من روح غلاّبة قاهرة، هي روح البطل الجبار الذي يثق من قوته الحربيّة، ومهارته الفنية في حلبات الصّيال.

 وكان السبب فيها كتاب الرافعي " إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية " إذ كان عباس محمود العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو في عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي في مقالاته " على السفود " التي جمعها له في كتاب صديقه إسماعيل مظهر، وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما نشر العقاد ديوانه " وحي الأربعين " فكتب الرافعي نقداً لديوانه، تلقفه العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية حتى توفي الرافعي رحمه الله.(المعارك الأدبيةص428)

وتبدأ معركة الرافعي مع العقاد منذ صدور "الديوان" للعقاد والمازني وقد تناول العقاد الرافعي وأدبه بالنقد ثم استؤنفت معركة الرافعي مع العقاد بعد صدور كتاب الرافعي "إعجاز القرآن" الذي أثنى عليه سعد زغلول ووصفه بأنه "كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم" كان أسلوب الرافعي في النثر قريب الشبه بأسلوب أبي تمام في الشعر؛ تزدحم فيه الاستعارات والمجازات والكنايات والتشبيهات وهذا كله يأتيها من جهة إعمال الفكر وتحكيم المهارة أنها تستلهم المعجم القرآني والسني والتراثي على وجه العموم؛ حيث يتكئ الكاتب في كثير من المواطن على لفظة أو عبارة من القرآن الكريم، أو على كلمة أو جملة من الحديث الشريف، أو على حكمة أو مثل أو بيت شعر من مأثورات العرب.( تطور الأدب الحديث في مصرص387)

منهج البحث

یشتمل هذا البحث المتواضع علی ثلاثة أبواب وكل باب يحتوي علی أربعة فصول، مقدمة،خاتمة البحث و توصيات البحث۔ قد استفدت من الكتب الذي الفت عن اعجاز القران خاصة منها الاعجاز القران للباقلاني ، مباحث في علوم القرآن لصبحي صالح، دراسات في علوم القرآن الكريم لفهد بن عبد الرحمن، البرهان في علوم القرآن للزركشي ، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ، مناهل العرفان للزرقاني ، المناظرة في القرآن، عبد الله المقدسي تاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر عبدالقادر الكردي،وأخص بالذكر مؤلفات الرافعي منها اعجاز القران والبلاغة النبوية ،تاريخ آداب العرب ،وحي القلم ومعارك الأدبية لسيد أحمد الجندي،كان منهجا مختلفا بين هؤلاء الأعلام۔

أما منهج في هذا البحث المتواضع دراسة تحليلية ونقدية لأن الرافعي كان ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، و أيضاً بعض النقاد قد نقدوا علي الرافعي مثل عباس محمود العقاد و طه حسين ،وكذ لك أسس الرافعي معاركه علي منهج النقدي من خلال أبرز كتبه۔ حينما أصدر الرافعي ’’الديوان‘‘نقد العقاد علي الرافعي ثم أصدر الرافعي في رده ’’ إعجاز القرآن والبلاغة النبوية‘‘۔ولذا قد اخترت هذا المنهج ’’دراسة تحليلية نقدية ‘‘۔قد ذكرت الهوامش في كل ذيل الصفحة حسب مقترحات المجلس التعليم العالی باكستان  لتدوين الأطروحة بمرحلة الدكتواره ۔   وبحمد الله تعالی قد بذلت قصاری جهدي في هذا البحث المتواضع بتوفيقه وأسال اللّٰه عزّ وجلّ أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الکريم، وأن ينفع به الآخرين وأحمده علي ما کان فيه من صواب.وأستغفره مما کان فيه من خطاء أو زلل وما توفيقي إلاباللّٰه عليه توکلت وإلیه أنيب.

Loading...
Table of Contents of Book
ID Chapters/Headings Author(s) Pages Info
ID Chapters/Headings Author(s) Pages Info
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...